سنة منسية, وفوائد جلية أطباء ومرضى تسندهم الأبحاث والتجارب العلمية يرفعون لواء العلاج بالحجامة

سنة منسية, وفوائد جلية أطباء ومرضى تسندهم الأبحاث والتجارب العلمية يرفعون لواء العلاج بالحجامة

نشرت: عدد القراء :6003
media/newsimages/medicine/hegama.jpg
الطائف: عبير الخالدي
القاهرة: محمد القوصي
كانت الحجامة جزءًا أساسيًا من الممارسات الطبية للعديد من المجتمعات العالمية، إلا أن الاستعمار الغربي خلال زحفه على العالم اكتسحها ضمن أشياء أخرى عديدة في بلدان العالم غير الغربية وعدها خرافة ودجلاً, وقدم الطب الإكلينيكي كحقيقة علمية لا تقبل الجدل، دون أن يكلف نفسه عناء الدراسة العلمية لهذه الأدوية ـ وما زالت ـ تدعم هذا التوجه خدمة لمصالحها ودفاعًا عن أسواقها.
لكن مرور الأيام كان كافيًا ليعيد الغرب النظر في هذا الموقف المتطرف في الحجامة، تكمل ما عجز هذا الطب عن حمله، وهنا ظهر ما يسمى 'الطب البديل' الذي كانت الحجامة واحدة من أشكاله.
يقول الدكتور أمير صالح عضو الجمعية الأمريكية للطب البديل؛ لم نلتفت حول الحجامة من الناحية العلمية إلا عندما بدأ تدريس العلاج بالحجامة في مناهج الطب الأمريكية والأوروبية تحت اسم Cupping therapy وتبين أن لها تأثيرًا واضحًا في تحسين وظائف الكبد وعلاج بعض الأمراض الأنف والأذن والحنجرة وعلاج البدانة والأمراض المتعلقة بضعف المناعة، فالحجامة تؤدي إلى استنفار جهاز المناعة, ذلك أن أي خدش يحدث في الجسم يرد عليه جهاز المناعة بالاستنفار وزيادة إفراز كرات الدم البيضاء.
 المرأة أثناء الحمل يكون جهاز المناعة لديها في أوج نشاطه, وكذلك الرجل بعد الحجامة حيث يتم تحريك الدورة الدموية وتنبيه جهاز المناعة، ويتم تنشيط جهاز المناعة في الجسم عن طريق الحجامة من خلال تحديد مراكز معينة في الجلد لإثارتها وتنبيهها من خلال ثلاث طرق: أولها إثارة وتنبيه مناطق الألم، وثانيها تنبيه المناطق العصبية التي لها اتصال بالجلد أي الوصلات العصبية التي تربط بين الجلد وعضو من أعضاء الجسم، ففي حالات القلب يتم التنبيه في مناطق معينة من الكتف، وفي حالات البروستاتا يتم التنبيه في أسفل الظهر، أما الطريقة الثالثة فهي استخدام ردود الفعل حيث يتم التنبيه في أماكن معينة في الجلد فيحدث ذلك ردود فعل في الأعضاء الداخلية.
ويعترف الدكتور صالح بوجود ممارسات خاطئة في العلاج بالحجامة لكن ذلك ـ في رأيه ـ لا يقلل من أهميتها, فكل مهنة مارسها بعض الأدعياء والدجالين لكن ذلك لم يقلل من شأنها أو يجعلها عرضة للهجوم، ولا بد من وضع الضوابط التي تحكم ممارسة الحجامة وتجرم كل من يمارسها بغير علم وتحديد منافذ معلومة لكل من أراد هذا النوع من العلاج.
وفي السياق نفسه يقول الدكتور سعيد شكري ـ استشاري الأنف والأذن والحنجرة ـ: لقد نشأنا نحن الأطباء العرب على الطب الغربي الذي يعاني الآن ويلات المضاعفات الناتجة عن الأدوية الكيماوية.
الغرب الآن أدرك هذه الحقيقة وراح يبحث عن الطب البديل ويجري عليه الأبحاث والدراسات, فأنشأ مستشفيات كاملة للعلاج بعسل النحل وصنع أدوية من الأعشاب واستخدام الحجامة.
ويفسر الدكتور أحمد عبد السميع ـ استشاري الكبد ـ فعالية الحجامة في علاج مرض الكبد بقوله: يوجد الحديد في جسم الإنسان على هيئات مختلفة منها الجزيئات الحرة التي تسبب أكسدة للخلايا فتقلل من مناعتها ضد الفيروسات, ولذلك فإن المرضى الذين توجد لديهم نسبة عالية من الحديد في الدم تكون استجابتهم للعلاج أقل من غيرهم، وقد أثبتت الأبحاث أن إزالة كميات من الدم من هؤلاء المرضى عن طريق الحجامة بصفة متكررة يساعد في تحسين نسبة الاستجابة للعلاج، كنت أعالج مرضى يعانون من التهاب الكبد [C] ولديهم نسبة عالية من الحديد وارتفاع في الأنزيمات وقد أجريت لهم عملية الحجامة بطريقة طبية سليمة وبصفة متكررة, فازداد تجاوبهم مع العلاج بعقار الأنتروفيرون والريبافيرين، بعد أن كانت نسبة استجابتهم للعلاج شبه معدومة'.

* الحجامة في تايلاند:

الدكتور جبر الواقدي ـ أخصائي أمراض الروماتيزم ـ حصل على الماجستير في تخصصه من الهند، وقادة البحث في الروماتيزم إلى تايلاند حيث درس علاج الروماتيزم بالحجامة لمدة عامين، بعدها بدأ يعالج الروماتيزم بالحجامة، وحقق أسلوبه هذا نجاحًا كبيرًا، يقول الواقدي عن الحجامة: 'هي عملية تنظيف وتطهير للجسم من السموم والدماء الزائدة التي تعتبر من فضلات الدماء بداخل الجسم يسعى للتخلص منها، والحجامة تقوم بتنبيه مراكز الإحساس وتحريك الدورة الدموية وتنبيه جهاز المناعة وتنشيط خلايا الكبد وتثبيت وظائفه, وهي علاج مهم لأمراض القلب والسرطان والضعف الجنسي، وقد نقلت هيئة الإذاعة البريطانية B B C أن عددًا من أفراد العائلة المالكة البريطانية ممن يعانون من 'الهيموفيليا' أي الناعور تم علاجهم بالحجامة، وقد عالجت أكثر من سبعين حالة من مرضى السكر والعقم والعمى والسرطان وتساقط الشعر باستخدام الحجامة وكانت النتائج مبهرة'.

وعن الفرق بين ممارسة الحجامة كأسلوب طبي وممارستها في الحجامة بدائي يقول الواقدي: 'الأساس في الحجامة  أنها عمل طبي تخصصي وليس بمقدور أحد أن يمارسها دونما خبرة أو دراسة علمية، لذا ينبغي إيجاد الوعي الاجتماعي بهذه المهنة حتى لا يقع الناس ضحية للأدعياء، فممارسة الحجامة بطريقة طبية يجعلها أكثر كفاءة من حيث الاستخدامات والأدوات والأساليب والتحليل المخبري وتحديد مكان الحجامة'.

* تدريس الحجامة:

الدكتور/ رشاد فؤاد ـ جراح من أشد المتحمسين للحجامة إذ يقول: 'منذ سنوات وأنا أنادي بضرورة إنشاء قسم في كليات الطب للعلاج بالحجامة، لما ورد في أهميتها وقدرتها الفائقة في العلاج بها منذ أقدم العصور، فضلاً عما أشارت إليه السنة النبوية الحكيمة، هذا إلى جانب النجاحات التي حققها العلاج بالحجامة في حياة الناس فقد ثبت ـ بما لا يدع مجالاً للشك ـ أن الحجامة لها أثر بالغ في تنشيط الدورة الدموية والليمفاوية عن طريق التدليك القوي للعضلات والتفاعل بين أنسجة الجسم'.

ويدعو الدكتور/ محمد عبد الفتاح ـ استشار الجراحة ـ إلى تقنين ممارسة الحجامة التي تؤتي ثمارها وتحقق النتائج المرجوة منها، وكي لا تصبح مجالاً للفوضى، يمارسها العالم بها والجاهل أيضًا، وحبذا لو كانت تحت إشراف وزارات الصحة، وتكون هناك رقابة صارمة على ممارسيها، عن طريق دورات علاجية وتوجيهات علمية، ومساعدات ونصائح مستمرة للمعالجين، لأننا ـ كما نعلم ـ أن الأخطاء التي يقع فيها بعض المعالجين أو الممارسين ضررها بالغ الخطورة، لأن هناك بعض الأوقات لا يجوز إجراء هذه العملية فيها، كما أن هناك بعض المرضى تضرهم الحجامة مثل الذين يعانون الفشل الكلوي وبعض مرضى السرطان وغيرهم.

لكن الدكتور/ نصر الدين الجلالي ـ استشاري الجراحة ـ له رأي مختلف فما زال متمسكًا بالموقف القديم للأطباء إذ يرفض الحجامة كأسلوب علاجي، ويقول: الثورة العلمية الحديثة نسخت ما قبلها من أدوية وعلاجات، كما أن جميع الأطباء سواء الذين درسوا الطب في بلادنا أو تعلموه في الخارج لا يسمعون عن الوسائل والأساليب العلاجية البدائية مثل الكي، والحجامة وغيرها ... ومن جانبنا كأطباء لابد أن نحذر الجماهير من أن يقعوا فريسة لهؤلاء الأدعياء الذين يجعلون من أجسام المرضى حقل تجارب، يفعلون فيها ما شاءوا، ثم يعودون إلينا مشوهين تمامًا!!'.

* دراسة شاملة:

وفي جامعة دمشق أجريت أكبر دراسة علمية منهجية على الحجامة عام 2001 اشترك فيها فريق مخبري مكون من 4 أساتذة جامعيين في الصيدلية والتحاليل الطبية و11 أستاذًا جامعيًا في تخصصات الجراحة والقلب والأورام والدم والجهاز التنفسي والأمراض العصبية والنساء والتوليد والعيون والأنف والأذن، وأجريت الدراسة على 300 حالة مرضية لرصد أثر الحجامة في علاجهم، وبتحليل النتائج تبين أن الحجامة أدت إلى:

· إعادة الضغط إلى حدوده الطبيعية أي أنها خفضت الضغط المرتفع ورفعت الضغط المنخفض.

· انخفاض في سرعة تخثر الدم إلى الحدود الطبيعية [مما يقي من الجلطات] واعتدال تعداد كريات الدم الحمراء.

· هبوط خضاب الدم إلى الحدود الطبيعية في حالات احمرار الدم، وصعود خضاب الدم إلى الحدود الطبيعية في حالات انخفاضه مما يدل على نشاط الجسم ونمو قدرته على نقل الأكسجين بواسطة كريات فتية سليمة.

· ارتفع عدد الكريات البيضاء في 52% من الحالات إلى الحدود الطبيعية وارتفع عدد تلك الكريات في الأمراض الرثوية في 4,7% من الحالات مما يفسر الشفاء السريع لمرضى الروماتيزم والالتهابات المزمنة بعد الحجامة.

· ارتفاع عدد صفائح الدم إلى الحدود الطبيعية في 100% من حالات النقص عن الحدود الطبيعية وانخفض عدد تلك الصفائح في 50% من الحالات التي تعاني ارتفاعًا فيها.

· انخفضت نسبة السكر عند 75,8% من الحالات، وانخفضت نسبة السكر بالدم عند  الأشخاص السكريين في 6% من الحالات.

· انخفاض كمية الكرياتينين بالدم في 66,7% من الحالات وانخفضت كميات الكرياتينين بالدم عند المصابين بارتفاعه بنسبة 75,8% من الحالات.

· انخفاض كمية حمض البول بالدم في 66,7% من الحالات, كما انخفضت كمية حمض البول بالدم عند المصابين بارتفاعه بنسبة 69% من الحالات.

· زيادة نشاط الكبد مما ترتب عليه انخفاض خميرة الكبد عند المصابين بارتفاعها في 80% من الحالات وارتفاعها عند المصابين بانخفاضها بالنسبة نفسها.

· انخفاض نسبة الأليومين بالدم عند المصابين بارتفاعها في 100% من الحالات.

· انخفضت نسبة الشحوم الثلاثية عند المصابين بارتفاعها بنسبة 75% من الحالات.

· عودة شوارد K وNE وCE إلى معدلها الطبيعي في 90% من الحالات.

كان تعداد الكريات البيضاء في دم الحجامة عُشر تعدادها في الدم الوريدي مما يؤكد أن الحجامة لا تؤثر سلبًا على عناصر المناعة بالجسم، كما أظهرت تحليلات الدم التي أجريت على الدم المستخرج من الحجامة أن الحديد لا يخرج مع الدم المسحوب، كما أظهرت ارتفاع نسبة الكرياتينين وانخفاض نسبة كريات الدم البيضاء في ذلك الدم, مما يؤكد أن الحجامة تستخرج كل الشوائب والفضلات والرواسب الدموية مما يؤدي إلى تنشيط الجسم.

* مواضع الحجامة وزمانها:

توقف النمو في جسم الإنسان بعد سن العشرين ينعكس سلبًا على كريات الدم الهرمة في أهدأ منطقة في الظهر، فإذا ما ازدادت الكريات الهرمة سببت عرقلة لسريان الدم في الجسم وأدى ذلك إلى ما يشبه الشلل في عمل الكريات، مما يجعل الجسم فريسة للأمراض، فإذا احتجم المرء أعاد الدم إلى نصابه وأزال الفاسد منه وبقي الدم النقي بكرياته الفتية يغذي الخلايا والأعضاء بالجسم ويزيل عنها الرواسب الضارة فينشط الجسم ويزيل عنه الأمراض.

ولتحقيق ذلك تم التوصل إلى تحديد 98 موضعًا للحجامة أهمها الكاهل [أعلى وسط الظهر] فهي منطقة خالية من المفاصل وهي أركد منطقة في الجسم، والشبكة الشعرية الدموية أشد ما تكون تشعبًا وغزارة فيها، مما يجعل سرعة تيار الدم تقل وبالتالي تحط رسوبات الدم رحالها فيها وتقل كريات الدم البيضاء فيها.

وترجع كثرة المواضع التي تعمل عليها الحجامة على تعدد تأثيراتها:

· فهي تعمل على خطوط الطاقة كالإبر الصينية, ولكنها تأتي بنتائج أفضل منها بعشرة أضعاف.

· وهي تعمل على مواضع الأعصاب الخاصة بردود الأفعال ولكل عضو أعصاب خاصة بتلك الردود، فالمعدة مثلاً لها مكانان في الظهر وعندما تمرض يتم إجراء الحجامة من هذين المكانين.

· تعمل الحجامة أيضًا على الغدد الليمفاوية وتقوم بتنشيطها مما يقوي المناعة ويزيد من قدرتها على مقاومة الأمراض.

· تعمل الحجامة على الأوعية الدموية وعلى تنشيط مراكز المخ.

· تنشيط العمليات الحيوية في طبقات الأنسجة تحت الجلد وبين العضلات.

· تقلل حالات الورم الناتج عن ضعف نشاط الدورة الدموية خصوصًا إجهاد الساقين والتمزق العضلي والكدمات الشديدة.

· تساعد الحجامة في إزالة التهابات الألياف العضلية والأنسجة العصبية وتقليل الشعور بالألم.

· وتجري الحجامة على كل ذكر بلغ من العمر 22 عامًا وكل أنثى تخطت سن اليأس [باعتبار أن الحيض يغني المرأة عن الحجامة فهو يتولى إخراج الدم الفاسد بصفة دورية], وأفضل توقيت لها عندما يميل الجو للدفء, فارتفاع الحرارة في الصيف يجعل الدم أكثر ميوعة وبالتالي سريع الحركة في الأوعية الدموية مما يعرقل تجمع الكريات الهرمة والشوائب في منطقة الكاهل.

* الحجامة ضرورة لكل الأعضاء:

أثبتت الأبحاث العلمية أن الحجامة تؤدي دورًا مهمًا في تفعيل وظائف مختلف أعضاء الجسم وتقيها من الأمراض, فالحجامة تخرج التالف والهرم من الكريات والشوائب فتزيد التروية الدموية لكل الأنسجة والأعضاء مما يخفف عن الكبد عبئًا كبيرًا فينشط لتأدية وظائفه الأخرى بوتيرة عالية, فيخزن السكر الزائد في الدم، ويستقلب الكوليسترول والشحوم الثلاثية الزائدة ويخلص الجسم من السموم، فينعكس ذلك إيجابيًا على جميع المراكز الحسية والحركية وترتفع عمليات تجديد الأنسجة التالفة في الجسم لأن الكبد هو المسئول عن إنتاج البروتين اللازم لاستمرار الحياة، في هولندا أجري بحث على نسبة خمائر الكبد المرتفعة في كل الحالات المرضية وتبين أنها تعود إلى حالتها الطبيعية بعد الحجامة.

أما أثر الحجامة على جهاز المناعة فيتضح من حقيقة أن الأنترفيرون يعد أسرع خط دفاعي يتم تكوينه وإفرازه بعد تعرض الجسم لأي فيروس، ومن المعروف أن كريات الدم البيضاء تنتج الأنترفيرون بمعدل يزيد على عشرة أضعاف ما تنتجه خلايا الجسم, وقد ثبت علميًا أن الحجامة تحافظ على الكريات البيض ـ تدل تحاليل دم الحجامة على وجود نسبة لا تذكر من تلك الكريات ـ بل وتنشط إنتاجها مما يساعد على إنتاج مزيد من الأنترفيرون لمواجهة الفيروس الكبدي أو الخلايا السرطانية.

أما أثر الحجامة على القلب والأوعية الدموية، فقد أثبتت الأبحاث أنها تخفف تجلط الأوعية الدماغية بإزالة الدم المحتقن الزائد وتقلل من حدوث النزف الدماغي بتخفيفها للضغط الشرياني.

ومن المعروف أن الجلطات هي السبب الأبرز لحالات الشلل والموت المفاجئ وهي تحدث بتجمع الكريات الحمر والبيض والألياف عند تفرعات الشرايين لتشكل بوغة أو كيس يسد سريان الدم في الشرايين عند ارتفاع الضغط، ودور الحجامة في التخلص من الشوائب التي تسد الشرايين معروف ومؤكد كما أثبتته الأبحاث الطبية.

وللحجامة أثر كبير في صحة الجهاز الهضمي ذلك أن ركود أوردة المعدة والأمعاء يخرب وظائفهما في الإفراز والامتصاص, مما يؤدي إلى نزف في أوعية المعدة والأمعاء والمستقيم وخثرات في الأرجل والبواسير، ويؤدي ترسب الكريات الحمراء العاطلة في الوريد الواصل إلى الأمعاء إلى عرقلة جريان الدم الوارد من الأمعاء والمحمل بالمواد الغذائية فيرتفع توتر ذلك الوريد مما يدفع جزءًا من الدم إلى الدوران حول الكبد فيحتقن الكبد ويتضخم.

وتؤدي الحجامة دورًا مهمًا في حماية الجهاز العصبي والدماغ ذلك أن الأمراض التي تصيب هذين العضوين المهمين تعود إلى نقص التروية '80% من الأسباب' والنزيف '20% من الأسباب'.

وإذا استمر نقص التروية أدى إلى الشلل النصفي، وقد أثبتت الأبحاث أن الحجامة تساهم في تنظيم ورود الدم إلى الدماغ ولذلك فهي تساعد ليس فقط في الإبقاء على وظائف الدماغ بل وفي علاج ضعف الذاكرة ونقص التركيز وضبط المشاعر والعواطف.

أما دور الحجامة في الوقاية من السرطان أو علاجه فهو خلاصة لدورها في جميع أعضاء الجسم، فتراكم الشوائب الدموية ينعكس سلبًا على جريان الدم فتنقص تروية الأنسجة والأعضاء فيضطر القلب لبذل مجهود مضاعف لتأمين متطلباتها، أما الكبد فتشغله تلك الشوائب عن وظيفته المهمة في إزالة المواد السامة وكذلك يتراجع دور الطحال في إنتاج المضادات وتخليص الدم من العناصر الغريبة، وهكذا يتراجع عمل الأجهزة شيئًا فشيئًا، وبدل أن يتصدى الجسم لهذه المتغيرات يصبح ضحية لما تنتجه من خلل فيه، ليس ذلك فحسب بل تقوده بعض خلاياه إلى التكاثر بشكل جنوني، وكأن هذه الخلايا قد ثارت على الجسم فيحدث السرطان، وينتهي الأمر إلى أن يعجز الجهاز المناعي الذي أضعفته قلة التروية في التصدي لخلل التوازن الهرموني 'السرطان' الذي أصاب الجسم.

في البداية يتعرف جهاز المناعة على الخلايا السرطانية ويعتبرها غريبة ويشكل المضادات تجاهها ويعمل على منع انتشارها, ولكن عندما يميل التوازن لصالح الخلايا السرطانية يظهر الورم السرطاني حينما تتغلب خلاياه على جهاز المناعة الذي يرتبط ببقية أعضاء الجسم ويشكل معها وحدة متكاملة.

لقد دلت الدراسات أن خلايا الورم في الدورة الدموية لا تتعدى نسبتها واحدة من كل عشرة آلاف خلية من مجموع خلايا الورم, لأن فعل المناعة في الوسط الدموي قوي, لذلك يبادر الأطباء إلى استعمال مانعات التجلط للحد من انتشار الخلايا السرطانية، ومن المعروف أن الحجامة ترفع قدرة جهاز المناعة وتخلص الدورة الدموية من الشوائب والكريات العاطلة فتقلل بذلك فعل التجلط الدموي وتخفض لزوجة الدم فترفع سيولته بشكل طبيعي وتحرض نخاع العظام على توليد مزيد من الخلايا المناعية.

مع الحجامين:

الشيخ عادل الضلع له تجربة طويلة في ممارسة الحجامة يصفها بقوله: كنا في مجلس عند الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله, ودخل علينا أحد الأخوة الحجامين يعرض في حماس بالغ علينا أن يجري لنا حجامة ويعلمنا إجراءها، وبالفعل أجرى لبعضنا حجامة وأعطى بعضنا الآخر أدوات حجامة بعد أن علمها لنا، وكنت واحدًا من هؤلاء، فبدأت أجري الحجامة للآخرين على فترات متقطعة, وبدأت أتعمق في التأصيل الشرعي للحجامة, فجمعت فيها 79 حديثًا نبويًا صحيحًا, وعثرت على أبحاث عربية وأجنبية عنها, وعرفت أن المصريين القدماء والإغريق استخدموا الحجامة والآن أصبحت أجري الحجامة بخبرة أكثر وبمعدات أحدث.

سألناه عن أفضل وقت لإجراء الحجامة فأجاب: في الربع الثالث من الشهر العربي بداية من يوم 15، 17، 19، 21 منه وقد اكتشف العلم الحديث السر في ذلك وأرجعوه إلى علاقة بين جسم الإنسان وظاهرة المد والجزر في البحر، حيث يوجد في جسم الإنسان 26 دائرة رئيسية لخطوط الطول والعرض بها 360 نقطة تستخدم للتوازن في جسم الإنسان.

يوسف رشاد ـ من أقدم وأبرز الحجامين بمصر إذ يمارس هذه المهنة منذ أكثر من ثلاثين عامًا ـ يؤكد أن الحجامة من أهم العلاجات لكثير من الأمراض والعلل والأوبئة، فقد حققنا بهذا العلاج نجاحات كثيرة، واستشفى بها مرضى مرضى كثيرون بعدما يئسوا من العلاج الكيماوي، وتقلبوا بين المستشفيات، وآخر من عالجتهم بالحجامة استشاري أطفال طلب مني أن أجري له عملية الحجامة في رأسه بناءً على وصية أستاذه الذي أشرف على رسالته للدكتوراه في إنجلترا منذ عامين، ونصحه بهذا العلاج للتخلص من الصداع المزمن الذي صاحبه منذ أكثر من عشر سنوات.

ومن جانبه يقول الحجام محمد أبو قمر: أشجع الناس على الحجامة مما أدى إلى انتشارها في منطقتنا في السنوات الأخيرة، وقد نصحت بها الناس من فوق المنبر وفي كثير من الدروس الدينية في المساجد، خاصة أنني أمارسها دون أن أتقاضى درهمًا أو دينارًا من أحد، إنما أبتغي بها مرضاة الله تعالى.

ويضيف أبو قمر: صدق نبينا صلى الله عليه وسلم القائل: 'خير ما تداويتم به لعقة عسل أو شرطة محجم' .. وعسل النحل قد عرفناه واكتشفت فوائده التي تفوق الحصر.

أما الحجامة فقد عرفها من عرفها وجهلها من جهلها من الناس، ومارستها أجيال وأجيال، وفي وقت ـ ربما ـ لم يكن لديهم معرفة بسواها من الأدوية، وعالجوا بها كثيرًا من الأمراض، عاشوا حياتهم معافين أصحاء بأحسن مما عليه نحن الآن.

وعن فوائد الحجامة ومتى، وكيف يتم إجرائها يقول الشيخ محمد فايد عثمان ـ حجام معروف في القاهرة: ـ أفضل أوقات الحجامة في الصباح وعلى الريق، لكن لا يمنع أن تجرى للمريض في أي وقت شعر فيه بالألم أو هاج عليه الدم، وإن كان بعض الحجامين يرون أن يوم الثلاثاء فيه بركة كبيرة لأن الله عافى فيه أيوب عليه السلام.

ويجب تجنب إجراء الحجامة في الشتاء القارس، أو إذا كان الإنسان الذي ستجرى له مصاب بنزلة برد أو رشح شديد 'أنفلونزا', كذلك الإنسان الذي يجري  غسيل الكلى أو يتعالج من مرض عضال مثل داء الكلب أو غيرها من العمليات الجراحية .. كما أننا نوصي النساء الحوامل بعدم إجراء الحجامة.

أصحاب التجارب:

تقول العرب 'ليس من رأى كمن سمع' في إشارة إلى تقديم شاهد العيان على الراوي، وفي سعينا لتمحيص الحقيقة حول فعالية العلاج بالحجامة آثرنا أن يكون دليلنا 'ليس من عاش كمن سمع أو رأى' لذلك سألنا أصحاب تجارب في العلاج بالحجامة، عاشوا معاناة طويلة مع المرض ثم كان شفاؤهم ـ بإذن الله ـ باستخدام الحجامة.

ـ يقول محمد.ع [24 سنة]: ظللت أعاني من مرض النقرس لمدة 10 سنوات كاملة طفت خلالها على عشرات الأطباء وتناولت مختلف الأدوية، لكن المرض ظل يلازمني، أخذت بنصيحة أحد الأصدقاء، وأجريت الحجامة فلاحظت تحسنًا في حالتي دفعني إلى تكرارها، ذهبت إلى أحد الأطباء الذين كنت أتردد عليهم وعرضت عليه نتائج التحليلات التي أجريتها ففغر فاه من المفاجأة، لقد شفيت تمامًا،لم يكن يعرف السبب، وعندما أخبرته أنني أجريت حجامة زادت دهشته'.

ـ أما حسن. ن الذي كان يعاني التهاب الكبد الوبائي C وبعض آلام الروماتيزم فقد نصحه طبيبة المعالج بالحجامة بعد أن جرب معه كل أنواع العلاج، وكانت نصيحته في محلها، إذ تم ضبط أنزيمات الكبد واختفت آلام الروماتيزم، صحيح أن فيروس الكبد لم يختف لكن السيطرة عليه ومحاصرة آثاره أفضل من السابق، وهذا ما جعل حسنًا يحرص على الحجامة كل شهر.

ـ سلطان. ن '38 سنة' موظف بالمطار كان يعاني كسلاً في الكبد والتهابًا في القولون، ولأن علمه يتطلب العمل بنظام الورديات فيعمل يومًا في النهار وآخر في الليل، كان كثيرًا ما يصاب بنزلات البرد الحادة، ذهب لأكثر من طبيب فكان إذا عالج مرضًا يستفحل الآخر، لم يجد بدًا من اللجوء إلى الحجامة رغم أنه كان يعارضها ولا يعتقد في فعاليتها الطبية، ولكن يأسه من عدم فعالية ما يتناوله من أدوية عديدة جعله يوافق على تجربة الحجامة، على الفور اختفت نزلات البرد المتكررة التي كانت تهاجمه بسبب تقوية جهازه المناعي بعد الحجامة، أما كسل الكبد والتهاب القولون فقد تحققت نتائج جيدة في علاجهما مع تكرار الحجامة التي أصبح لا يستطيع الاستغناء عنها بعدما استغنى بها عن كل العلاجات الأخرى.

ـ فكري راشد '23 سنة' كان مصابًا بارتفاع في ضغط العين لمدة خمس سنوات، وجرب كل وسائل العلاج، ونصحه خاله بالحجامة، ومنذ أجرى الحجامة مجانًا شفي تمامًا.

ـ محمود النادي '42 سنة' كان مصابًا بشلل نصفي، وأخبره الأطباء أنه لا علاج له، وذهب به أحد أصدقائه إلى إحدى قرى صعيد مصر، ولما رآه أحد الحجامين استبشر به وطمأنه، وأجرى له الحجامة بعدها بأيام قليلة عاد إلى حالته الطبيعية كأنه لم يكن يشكو من شيء!

ـ موسى الشيخ '39 سنة' .. كان يشكو من الروماتيزم سنوات عديدة ـ كما يقول ـ، وبعدما أجرى عملية الحجامة شفي بإذن الله، وعادت إليه صحته، ورجع إلى وظيفته بعد توقف ثلاث سنوات.

ـ الشيخ أحمد الغزي احتجم أكثر من مرة ولمس الفوائد الصحية للحجامة وله أصدقاء يداومون على الحجامة لما وجدوا من آثارهما الإيجابية مثل زيادة النشاط وذهاب الخمول وزيادة التركيز وتقوية الذاكرة وتحسين الجوانب النفسية للفرد، يقول الغزي: 'كان أحد القضاة زميلاً لنا في المدرسة وكنا نلمس نشاطه وهمته وتفاعله، فالطلاب يأتون متأخرين يداعب عيونهم النوم بينما يأتي هو مبكرًا يقظًا نشيطًا وعندما سألنا عن السبب قال: إنه يحتجم'، وينصح الشيخ الغزي من يداوم على الحجامة بأنه يحتفظ لنفسه بأدوات حجامة خاصة لاستخدامه الشخصي فقط، وهناك بعض الجهات التي تبيع حقيبة أدوات الحجامة بما لا يتجاوز 200 ريال فذلك أدعى لتحقيق شروط الاستخدام الصحي لأدوات الحجامة، كما يدعو من يقبل على الحجامة بأن يسترخي تمامًا لأن توتره يجعله يشعر بالدوخة بمجرد بدء عمل الحجام ومن ثم لا يخرج الدم، بعض الناس يعتقد خاطئًا أن مرد تلك الدوخة هو الحجامة نفسها والصحيح أنه التوتر العصبي الذي ينتاب المحتجم.

ـ أم خالد كانت تعاني من آلام روماتيزمية مزمنة وطرقت أبواب المستشفيات دون جدوى، وصف لها الأطباء بعض المهدئات والمسكنات الوقتية وكان يعاودها الألم بعد انقطاع الدواء خصوصًا أنها تسكن في منطقة باردة، تقول: استمرت معاناتي مع الروماتيزم حتى نصحتني إحدى الأخوات ممن جربن الحجامة ووجدت منافعها أن أحذو حذوها، عملت بنصيحتها وأجريت الحجامة في مواضع الألم على الركبتين والأقدام، والحمد لله تحسنت حالتي وخفت الآلام.

تعليقات

المشاركات الشائعة